نص الورقة البحثية التي قدمها الاستاذ محمد طاهر التميمي مدير عام دائرة المنظمات غير الحكومية بعنوان (دور المنظمات غير الحكومية في اجتثاث الفكر المتطرف الارهابي) في الندوة الحوارية التي اقامها مركز بغداد الدولي للدراسات وبناء السلام في بغداد بتاريخ 8-12-2017 :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سابتدأ بالحديث عن المجتمع المدني من منظور شمولي قبل عام 2003 ثم التحول الى الاستقلالية الكاملة للمجتمع المدني والاثار التي ترتبت على هذه التحولات التي حصلت في العراق .
هنالك مشكلة اعتقد ان الجميع يرى انها اساس العلاقة مع اي منظمة مجتمع مدني والتي تخيف كثير من المؤسسات المتعاملة مع دائرة منظمات المجتمع المدني لانها تبدأ من فكرة ان المجتمع المدني لم يكن قد فحص بصورة علمية ولم تكن هنالك دراسة تحليلية تنتج من خلال المؤسسة الحكومية ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني بشكل يمثل نموذج حقيقي لممارسة وانتاج بناء المجتمع المدني في الدولة .
عندما نتحدث عن موضوع الارهاب ( ولا اريد ان استغرق فيه لاني لست مختصا في ذلك ) ولكني اعتقد ان البداية يجب ان تكون من المجتمع المدني اذا ما حاولنا فهم اسباب التطرف والارهاب ولذلك فكل جهد انا اسميه ضائع اذا لم يعتمد المواطن او المجتمع المدني اساسا لمعلوماته ومعالجاته وهدفه الرئيس .
اسباب التطرف كثيرة ونحن نعرف ذلك جيدا لكن دائما نطرح هذا السؤال ماذا نريد من المجتمع المدني؟ ماذا تريد جميع مؤسسات الدولة من المجتمع المدني ؟ هل حددنا هذه الاهداف خارج اطار القانون لان القانون حدد علاقة دائرة المنظمات غير الحكومية بالمجتمع المدني لكنه لم يتطرق الى اهداف وبناء المجتمع المدني ثم ماذا نعطي للمجتمع المدني مستقبلا؟ وكيف يمكننا ان نمنح المجتمع المدني الوسيلة لخدمة المجتمع العام والمجتمع الذي يمكن ان يكون اساسا لبناء الدولة ؟ دائما مانتذكر جملة اساسها واحد من المفكرين حيث دائما مايحرك خارطة العالم الكروية التي ترتكزعلى قاعدة ثابته بسرعة ويضع اصبعه على دولة ما لا على التعيين ويسال الحضور ماهو دور وماهي بنية المجتمع المدني في هذا البلد فاذا كانت بنية المجتمع المدني قوية ومستقرة فستجد ان ذلك البلد قوي ومستقر وهذا يعيدني الى فكرة الاعتماد على المجتمع المدني ومشاركة المجتمع المدني بشكل صحيح من اجل نبذ التطرف ومكافحة الارهاب مستقبلا لسبب رئيس وهو ان حلبة الارهاب وجمهور حلبة الارهاب هو المجتمع المدني والمتضرر هو المجتمع المدني من يصفق هو المجتمع ومن يعارض ويوافق هو المجتمع المدني لذلك وفي كثير من الاحيان من خلال اطلاعي على بعض الملفات نجد ان مؤسساتنا تستأثر بالمعلومات التي تمتلكها ولاتتشاركها مع مؤسسات اخرى وانا شخصيا عملت ثلاثة افلام استقصائية للقناة الالمانية الاولى عن جرائم وانتهاكات داعش وعندما كنت ابحث مع الفريق الاستقصائي الالماني عن اية معلومات يمكن الافادة منها لانتاج هذه الافلام كنت احصل على ورقة من هذا الجهاز وورقتين من جهاز اخر وهكذا وعندما كنت اسأل لماذا لاتتشاركوا هذه الاوراق وجدت مشكلة وهي الاستئثار وعدم مشاركة تلك المعلومات في حين ان الاعلامي الالماني انتبه الى قضية لم انتبه اليها وقال لماذا لا نذهب الى مدرسة الارهابي ابو بكر البغدادي الى جامعة بغداد وهي الجامعة التي تخرج منها وعندما ذهبنا الى هناك تعرفنا على شخصية المجرم ابو بكر البغدادي بشكل اوضح حتى ان واحدا من هذه الافلام اظهرت صورا للبغدادي لم تكن نشرت سابقا .
وحتى لا اطيل عليكم فيما يخص مجلس مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب والذي اتشرف بعضويته فقد ارسى قواعد جديد فيما يتعلق بادارة الموارد المالية ، صدقا لم تكن هذه العملية موجودة قبل تشريع هذا القانون لم يكن احد يسال من اين تتدفق الاموال للمنظمات الارهابية واين تستعمل اذا ماعلمنا ان تلك الايرادات يجب ان تقرن بالانشطة التي تقوم بها المنظمات الارهابية الان اصبحت تلك القواعد لدينا واضحة ومعلومة.
اذا اردنا ان نضع المجتمع المدني في ميزان مع اية قضايا اخرى انا اعتقد ان المجتمع المدني سيكون دائما عاملا مؤثرا واساسيا في طرح اية مشكلة تواجهنا ، لذلك البعض يرى ان فكرة الانتقال من واقع يشبه واقع داعش واحتلاله للعراق الى مرحلة تحرير العراق من داعش غالبا مايرتبط بفكرة واحدة ان كل المجتمعات في العالم كانت تعمد الى التحول في بنية المجتمع واساس الدولة ولكن اذا سالنا هذا السؤال ما الفارق في سلوكياتنا وسياساتنا بين 2014 و 2017 ؟ هل سنجد هذا الفارق كبيرا هل تغيرت سياسات الدولة او المجتمع واستجاباته لتلك المتطلبات ام اننا لازلنا في دوامة الحرب التي نأمل ان تنتهي بانتصار العراق وعودته اقوى .
سأمر مرورا سريعا على بعض المعالجات اولا نحن نرى انه يجب ان ندعم الابحاث العلمية التي تبحث في الاصول الفكرية للتطرف والياته ووسائله وتحليل بيئته امر غاية في الاهمية واعتقد ان المجتمع المدني بدأ يرتكز الى هذه العوامل وواحدة من تلك العلامات المضيئة هو هذا المركز المبارك الذي هي واحدا من واجهات المجتمع المدني الحقيقي الذي نأمل له كل التوفيق ، ثانيا تعزيز المهارات السلوكية التي تواجه الغلو والتطرف من خلال التدريب المنظم والمدروس ، بحكم عملي انا دائم الذهاب الى المناطق المحررة ومخيمات النازحين فنحن نقدم كل شئ كحكومة ولكننا نترك المجتمع المدني لوحده يقوم ببعض الاشياء التي ارى ان على الحكومة ان تدخل في رسم تلك السياسات التي تتعلق بقضية التاهيل النفسي لذلك دائما ما اسمع من المنظمات الدولية سؤال مهم جدا ماذا ستفعلون مع عوائل داعش الموجودون في المخيمات؟ وهذا سؤال مهم جد ، الان الامانة العامة لمجلس الوزراء اخذت على عاتقها ان تذهب الى هناك حتى تتعرف على اسباب نشوء هذه الظاهرة وهل هناك شكاوى جزائية لديهم حتى تحال الى المحاكم واجبار الزوجات على الزواج من عناصر داعش وكل هذه القضايا ان لم تعالج وان لم تفتح هذه الملفات سيفتحها غيرنا في يوم من الايام ولانعلم نية تلك الجهات التي ستفتح هذه الملفات ، والمعالجة الاخرى هي تمكين الشباب ومفردة الشباب امل ان تستخدم في قابل الايام في مثل هذه المناسبات لان الشباب هم العماد الرئيسي لاية تحولات تحصل في المجتمع ، فيجب ان يمكّن الشباب من تحكيم العقل في الافعال وتحرير عواطفهم من الوهم وضبط روح الحماسة ، الامر الاخر هو بث ونشر روح المحبة والتسامح والتعايش والحوار واحترام الراي والانفتاح على الاخر ، وكذلك فان التنمية الاقتصادية تساهم في تحصين المجتمعات من خلال مواجهة المشكلات الاقتصادية مثل السكن والبطالة والهجرة والنزوح ، المعالجة الاخرى هي مكافحة طرق تمويل الفكر المتطرف وتجفيف منابعه ، والامر الاخر هو التعاطف مع ضحايا العنف والاعمال التكفيرية والسعي الى المصالحة بين جمع مكونات المجتمع فعندما اتحدث عن ناجيات من داعش من مكونات مختلفة اريد ان اسال مالذي حصل خلال هذه الفترة لماذا نترك للمجتمع الدولي فرصة التحرك من دون ان نكون شركاء حقيقيون في التعامل مع هذا الملف الذي يخص مواطنات عراقيات ، النقطة الاخرى يجب العمل على اعادة صياغة المناهج الدراسية لاسيما الخاصة بالمعاهد والكليات ، وختاما اقول ان واحدة من الاشياء التي صادفتني اثناء مروري في الجانب الايسر في الموصل ذات يوم حيث كنت مع السيد الامين العام لمجلس الوزراء ومع السيدة ليز غراندي منسقة الشؤون الانسانية في الامم المتحدة حيث دخلت لوحدي في احد الازقة حيث استوقفتني امرأة موصلية ولان السائق كان يستمع الى اغنية حماسية فقد طلبت اليه التوقف لتستمع وقالت له توقف لان اذاننا متشوقة لسماع غناء واشياء مفرحة انا اعتقد ان التحولات التي تشهدها بعض المناطق المحررة يجب ان تنظر من خلال مختصين وخبراء واعتقد ان المجتمع المدني قادر على ان يساعد في ذلك ,
شكرا جزيلا لكم