نص الورقة البحثية التي قدمها د. عصام السعدي المستشار في مستشارية الأمن الوطني بعنوان (الفكر الارهابي .. قوانينه وأسسه) في الندوة الحوارية التي أقامها مركز بغداد الدولي للدراسات وبناء السلام في بغداد بتاريخ 8-12-2017 :
قبل ان ابدأ احب ان انوه الى ملاحظة للشيخ خالد الملا حيث اشار في مداخلته الى ان مستشارية الامن الوطني قد ذكرت ان الارهابيين يتعاطون المخدرات وانا اقول الى اننا اشرنا الى ان هذه واحدة من وسائل دفع الارهابي الانتحاري ليغيب عن الوعي عند الانتحار والتفجير .
كما اريد ان اشير هنا الى انه تنفيذا لتوصيات مؤتمر التربية والتعليم لمحاربة داعش فقد اعدت الان إستراتيجية وطنية كبرى لمعالجة التطرف المؤدي الى العنف كاساس لاقتلاع الفكر المتطرف في العراق .
والان ابدأ بطرح ورقتي وفي المقدمة فان العامل الديني والايديولوجي هو المحرك الاساسي لظاهرة الارهاب ويذهب بعض المفكرين الغربيين في تعريفهم للارهاب بانه عمل يراد به تدمير قوى البشر وعلى انقاضها يبنى مجتمع جديد ويشيرون الى الانتحار الارهابي هو التطور الاكثر حداثة في تاريخ الارهاب وقد برزت هذه الظاهرة في منطقة الشرق الاوسط وجنوب اسيا.
وقد انشأت مدرستان اساسيتان لمحاولة تفسير هذه الظاهرة الاولى تؤكد على المهارات التنظيمية والقدرة على عرض المبادئ من قبل القادة الارهابيين الذين يجندون ويستخدمون المهاجرين الانتحاريين من اجل اجبار العدو على تقديم التنازلات لهم والاخر ان هناك من يتمسك بقيم الجهاد والتكفير وقيم اخرى لها علاقة بالدين لجلب الانتباه وابراز الذات وزرع الرعب في صفوف الاخر كاستخدام عصابات داعش الارهابية التلفزيون وشبكات الاتصال للاعلان عن مطالبهم ثم يعلنون عن عواقب الرفض بقطع الرؤوس ومن ابرز سمات الفكر الارهابي انه يعتبر جميع من يخالفه كافرا ويغتبر جميع المجتمعات الاسلامية كافرة مما يجعل الجهاد حسب اصطلاحهم مشروعا وهذا يمهد الى طريق الارهاب الشامل بهذا الخطاب المتشدد طرحت العلاقة بين الدين والدولة بالنسبة لمجتمع منطلقا من فهمه لما تم في الماضي وليس من خلال فهمه لما يدور في الحاضر وبالتالي فان العلاقة بين الماضي والحاضر مقطوعة بمعنى انه يركز على فهمه للماضي ويحاول انه يطبقه على الحاضر وليس تأسيسا على التطور الفكري والاجتماعي في الفكر الانساني وفي الوقت ذاته فان التيارات المتشددة تبشر اتباعها بالنجاة اذا التزموا بطريقتهم او ساروا بمسالكهم لذلك فان عصابات داعش الارهابية تقدم انموذجا اكثر تعقيدا لانه يقوم على فكرة البيعة للخلافة التي لاتقتصر على فكرة القتال لكنها تتضمن حتمية التوسع والسيطرة على الارض بخلاف تنظيم القاعدة فمشاهد الوحشية الظاهرة لقوة الممارسات شكلت عاملا اساسيا واستراتيجيا للحرب النفسية التي يتبعها تنظيم داعش .
ان المقومات الاساسية لتنظيم داعش تقوم على مقومات ميدانية التي اشار لها الدكتور حامد الموسوي في نظرية التوحش التي هي من اهم النظريات الفكرية التي وظفتها داعش بغية تحديد اهدافها وتقوم نظرية التوحش على تحقيق ثلاثة مراحل رئيسية من اجل بلوغ الخلافة التي هي شوكة النكاية والانهاك اي زعزعة استقرار نظام الدولة القومية واحداث الفوضى ثم ادارة التوحش اي ادارة الفوضى ثم مرحلة شوكة التمكين اي التمكن من اقامة دولة الخلافة ، هذه المقومات الفكرية ينقلها الى مقومات ميدانية من خلال العمل العسكري والسيطرة على الدول لاقامة مايسمى بالخلافة ويعتمد ايضا على سمات الفكر اتي لدى عناصر من خلال التقديس واستبعاد العقل ومن خلال اقوال السلف وكذلك على التعصب الديني وتطبيقه من خلال مانفذته وتنفذه الجماعات الارهابية والوحشية وخلق التوحش والشعور بالدونية والاغتراب اللذين يشكلان عاملين رئيسين في تكوين سايكولوجية الارهابي وكذلك اعتماد منهج العنف باعتباره الدستور الوحيد للوصول الى الاهداف دون المبالاة يالخسائر البشرية للابرياء لذلك عندما لايجد تنظيم داعش دعما لاعماله محليا يعتمد على ظاهرة المقاتلين الاجانب .
لقد توزعت خارطة الاقاليم الذي ينتشر بها تنظيم داعش على الشرق الاوسط الذي يحتل المركز الاول حيث يصل عددهم ال 8240 مسلح .
وهناك احتماليات لمستقبل داعش بعد هزيمته في العراق وسوريا فاما ان يذهب الى ليبيا ومصر وبقية شمال افريقيا او العودة الى اوربا او البقاء في العراق وسوريا وهو سيناريو ضعيف .
اما المعالجات فلابد ان تكن في جانبيين اولها معالجات وطنية باقرار التشريعات والمواجهة الفكرية والامنية وتعزيز مبدأ المواطنة والمعالجات السياسية والاقتصادية ومناهج التعليم والثاني هو المعالجة الدولية من خلال فهم عالمية الارهاب اي اليقين بالبعد الخارجي للارهاب وانه لايشمل دولة دون اخرى وتجفيف منابع الارهاب وكشف ومحاسبة الدول الداعمة للارهاب وتحميل الدول الراعية له مسؤولية الاعمال الارهابية التي يقوم بها رعاياها .
لابد ان ننبه في بحوثنا القادمة الى الرؤية للجيل الرابع للتنظيمات الارهابية وماهي التنظيمات المتوقع تشكيلها وسمات هذه المنظمات واساليبها واهدافها وجهتها واماكن تواجدها المحتملة وفي اشارة الى منهج التعليم والمعالجة الفكرية فلابد ان يسعى المفكرون والقائمون على التربية والتعليم لاعداد منهج حوارية بشكل مبسط للشباب بين الارهاب والاعتدال للوقوف على خطر الارهاب وبالتالي تهيئة الذهنية لرفضه.
السؤال الذي يمكن ان يطرح من خلال هذه الورشة هو من يقود الارهاب العالمي ومن ينشئه ومن يموله ومن بعد ذلك علينا ان ندرس هيكلية هذه التنظيمات لانه ومن خلال تجربتنا في مستشارية الامن الوطني وعملي في مكافحة الارهاب منذ عام 2005 ولغاية الان فقد تختلف الاساليب والسمات الا ان الهيكلية واحدة والفكر واحد والنوذج واحد .
شكرا جزيلا لكم