نص الورقة البحثية التي قدمها الاستاذ د.عبد الجبار احمد عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد (صفات السياسة الناجعة لمعالجة تراكمات داعش ) في الندوة الحوارية التي اقامها مركز بغداد للدراسات وبناء السلام في بغداد بتاريخ 8-12-2017 :
السادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صفات السياسة الناجعة التي احاول ان اثبتها في هذه الورقة المتواضعة تنطلق من ان الارهاب مادامه ظاهرة معقدة ومركبة وتحتمل الكثير من الاوجه اذن لابد ان يكون الموازن والمكافئ هو اولا سياسة شاملة كاملة وايضا مركبة والسياسة الشاملة المركبة علينا ان نحاذر ولانعتقد بان القرارات الرسمية وحدها قادرة على معالجة الارهاب وهنا نشير الى ان المفارقة هي ان الديكتاتور نستطيع ان ننهيه بقرار رسمي ولكن الديكتاتورية تحتاج الى قرارات رسمية وغير رسمية وعلينا هنا ان نميز بين الارهاب كظاهرة مركبة وبين الارهابي الذي يمثل الاداة ولعل بعض القرارات الرسمية تتعامل مع الارهابي ولكنها تغفل الارهاب وثانيا لابد ان تكون السياسة مشفوعة برؤية واضحة لمحاربة ثلاثة مشجعات للارهاب الجهل والمرض والفقر هذه العناصر من شأنها ان توجد بيئة خصبة لتقبل افكار التشدد والتطرف وهنا نميز بين جرائم اجتماعية وجرائم ارهابية ، ثالثا لابد ان تتصف هذه السياسة بالعقلانية وتعتمد التخطيط والفعل وليس رد الفعل والمزاج لانه في اطار التجربة العربية والاسلامية السياسات المعتمدة على رد الفعل والمزاجية تزيد من التطرف والارهاب ، عامل اخر وسمة اخرى يجب اعتماد سياسة تعتمد المنهج الوظيفي لان أية سياسة تحاول ان تعالج الارهاب كفكر او وسيلة او منهج ان لم تعتمد المنهج الوظيفي ستكون سياسة فاشلة .
المنهج الوظيفي يخلق المصلحة ويخلق الفهم المتبادل سواءا داخل حدود الدولة او خارجها وكذلك يجب اعتماد سياسة تعتمد جوانب وقائية واخرى علاجية في اطار بناء السلام ، في بناء السلام هناك (peace keeping ) ولكن الافضل والاسلم والانجع هو (peace building ) الذي يحتاج الى عمل تراكمي ثقافي واجتماعي ونفسي واقتصادي وهنا استعير مصطلح شجرة الصراع لاحد الباحثين في اطار بناء السلام الدولي ويحوي كحال المصطلحات الماركسية يحوي البنية التحتية والبنية الفوقية فالبنية التحتية هي جذور التطرف اما البنية الفوقية فهي ادوات التطرف ، في شجرة الصراع فان موجدات الصراع والتطرف والتشدد موجودة وهي التي تحدث عنها الشيخ خالد الملا والتي هي في الجذر الفقهي ولذا علينا ان نميز بين حفظ السلام او اعادة الاستقرار وهي متحققة ولكن بناء السلام يحتاج الى رؤية بعيدة المدى وهناك سمة اخرى يجب اعتمادها هي سياسة خلق الوعي وهذا مانحتاجه في التعليم فعندما نقول خلق الوعي فهو يبدأ من رياض الاطفال وينتهي في الجامعات ربما يتمكن معلم من خلق وعي لدى الطلاب لكن يأتي معلم اخر في مرحلة لاحقة لايفعل هذا فلا يتحقق العمل التكاملي لذلك فخلق الوعي وخلق الانتماء الذي هو المواطنة والمصلحة الوطنية والذي اسميه دائما بالثابت الوطني ضرورين ، الدولة التي ليس فيها ثابت وطني ستكون دولة مشجعة على التطرف ولذلك اقول وحدة الصف الداخلي والاستقرار الداخلي ممكن ان يؤدي الى قناعات مهمة .
ان ابسط تعريف للسياسة في ادبيات العلوم السياسية الغربية انها التوزيع السلطوي للقيم وهذه القيم سواءا كانت اقتصادية او اجتماعية او رمزية او منفعية ان لم تحسن الحكومة عملية التوزيع السلطوية للقيم بشكل مناسب عبر مبدأ (coming together ) ان السياسة التي تبعدنا عن الارهاب والتشدد هي سياسة (coming together ) بمعنى سياسة الاستيعاب والحوار وهنا يجب ان نميز فانا لااقصد الحوار مع الارهابي ولكن لاضرب مثال فليس بالضرورة انه اذا وجدت الديمقراطية فلا يوجد تشدد فكثير من الارهابيين جاءوا من دول اوربا وهذا يعد فشلا في تحقيق ما يسمى بالاندماج الوطني في تلك الدول وهذا الذي يجعلنا نقول ان السياسة الناجعة هي انه لابد ان يكون هناك توافق بين مجهودات محلية ومجهودات اقليمية ومجهودات دولية .
الشئ الاخير لتحقيق السياسة الناجعة فلابد ان نؤمن بمنطق احتكار القوة من قبل مركز اتحادي ديمقراطي وفق مبدأ سيادة القانون بمعنى لابد ان نبحث عن جوانب تشريعية وسياسية ونفسية واعلامية.
شكرا جزيلا لكم