رغم ان الجريمة كبيرة لايستوعبها مؤتمر أو ندوة ورغم إن بشاعتها لاتستطيع ترجمتها اية كلمات مهما بلغت فصحاتها الا ان نوايا المنظمين وظمأهم للبحث العلمي ومعرفة الحقائق مجردة عن الاهواء والرغبات المنحازة قد يجسر الهوة العظيمة بين بشاعتها والشعور بالتقصير او القصور مهما بلغت الجهود المبذولة من حد للبحث فيها ومحاكمتها بصورة موضوعية ، وانطلاقا من هذا فقد حاولت ( الجمعية الاوربية لتعارف الاديان ) ان تكتب حرفا في قصة سبايكر التي لم تنته فصولها الى اليوم فعقدت ندوة على قاعة فندق الشيراتون في برلين تحت عنوان (سبايكر جريمة العصر) طرح فيها رئيس مركز بغداد الدولي للدراسات وبناء السلام الشيخ عدنان الشحماني ورقته البحثية الموسومة (جريمة سبايكر الدوافع والاسباب)
التي أستهلها بتذكير الحاضرين بجرائم النظام الصدامي لافتا الى العلاقة العضوية بين أزلام النظام السابق وتنظيم داعش الارهابي ومدى تأثير الفكر الصدامي بهذه العصابة الاجرامية ، وبعد أن روى الشيخ الشحماني حادثة سبايكر دعا الباحثين الى قراءة الدوافع والاسباب التي أدت اليها قراءة موضوعية مجردة وبأسلوب محايد وعلمي وعدم الانجرار وراء الآراء والنظريات التي تنوي تبرئة ساحة هذا الطرف او ذاك .
وفيما يلي نص الورقة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته….
عندما تُحكم الدولة ويُستأثر بها على أساس الانتماء الطائفي والقومي والعشائري والمناطقي وعندما تحكم بالنار والحديد ويدفن ابناءها احياءا على خلفية طائفية او قومية ويشرعن لهم القتل والابادة بفكر ديني منحرف وعندما يكون رئيس الدولة رئيساً لعصابة اجرامية لاتحترم كل القوانين وتقتل على الظن والتهمة وعندما تستمتع الدولة بقتل الأبرياء وتقطع رؤوس ابناء الشعب وتشرب من دمائهم وتقطع الالسن وَالأُذُان وترمي الناس من أبنية شاهقة وتسرب هذه المشاهد لبث الرعب فلا تستغرب ان يكون من إرثها جريمة اسبايكر ولا داعي بعد ذلك لان تذهب وتفتش هنا وهناك عن الأسباب التي أدت الى ارتكابها .
ايها السادة
إن نفس مشاهد القتل التي شاهدتموها والتي قامت بها عصابات داعش نحن رأينأها من قبل فهي ليست من نتاج داعش لأن ماحصل في اسبايكر انما هو من إرث العصابة التي حكمت العراق قبل عام 2003 والتي ورثته من السلطة الأموية الدموية والدين المنحرف الذي كتبه وعاظ السلاطين وإن جريمة سبايكر هي نتيجة لتراكم ثقافات دينية وسلطوية منحرفة امتدت لأكثر من الف سنة في عالمنا الاسلامي والامثلة كثيرة.
سادتي الاعزاء
ان الفاعل الحقيقي والرئيسي لجريمة اسبايكر هم ابناء العصابة الصدامية وهم من اهم عناصر داعش ونواة تشكيلها حيث كانوا يقتلون الشعب ويمثلون بهم ابشع صور التمثيل وهم يحكمونه وينعمون بخيراته فماذا تتوقع من مجرمين دمويين طائفين هذه هي خلفيتهم وهذه هي ثقافتهم وهذا هو دينهم ؟ إنهم لايفهمون للانسانية ولا لحقوق الانسان معنى ، ولايفهمون معنى الدولة والديمقراطية ، و لا يفهمون الا شيئا واحدا وهو الحكم والاستئثار به وباي ثمن كان وبأي شكل يكون.
ان العقلية الاجرامية والتاريخ الدموي لصدام وعائلته وأبناء عشيرته واتباعه هي التي حركتهم لارتكاب جريمة سبايكر يضاف الى ذلك حقدهم الاسود بسبب خسارتهم السلطة وإعدام اهلهم وقادتهم الذين اوغلوا بدماء الشعب في محاكمة عادلة قل نظيرها في التاريخ ، اما تحميل الجريمة لمنظمة داعش الارهابية فقط بمعزل عن هذه العصابة الصدامية التي هي نواة داعش هو تسطيح للعقول وتغييب الحقيقة مما يفقدنا معرفة جذورها والعمل على معالجتها .
إن داعش تشكلت من الفكر الديني المنحرف والفكر السياسي الأموي الدموي ونهلت من مدرستين هما مدرسة السلطة الأموية القائمة على السيف وشراء الذمم والفكر الديني المنحرف الذي هو ظهير للسلطة المنحرفة ومنهما تشكلت شخصيات هؤلاء المجرمين ولذلك تجد ان هنالك اتحاد دائم بين المؤسستين والقدرة على سرعة التلون والتحول والتمظهر والتغير بالشكل فقط وحسب المصلحة ولذلك ترى ان الذين كانوا يلبسون اللباس والفكر العلماني ظهروا إلينا بين ليلة وضحاها بلباس ديني متطرف مع وحدة الهدف وهو السلطة ولا يهمهم كيف تكون الوسيلة للوصول اليها، ومع مالدينا من معلومات مؤكدة فإن من قام بجريمة اسبابكر بمرحلتيها هم ابناء العصابة الصدامية بمظهرها العشائري والداعشي وهذا عرض مختصر للحادثة بعد ان لخصنا دوافع الجريمة.
ايها السادة
بعد خروج الضحايا من قاعدة اسبايكر – أياً كانت اسباب خروجهم لانه ليس محل نقاشنا – بزيٍ مدني لا يحملون أية قطعة سلاح وهذا يكشف عن نية سليمة للضحايا لانهم يحاولون الوصول الى أهليهم فوصل خبرهم الى عشيرة المقبور صدام وعندها تحرك ابراهيم السبعاوي وهو يقود ابناء عمومته من فخذ ال خطاب عشيرة ال بو ناصر وهي عشيرة سبعاوي وبرزان ووطبان اخوة صدام وقسم اخر أيضاً من عشيرة ال بو ناصر أقارب عبد حمود المقرب من صدام يقودهم فارس ابن اخ عبد حمود وقسم كبير من عشيرة ال بو عجيل ومن عشائر متفرقة من سكنة العوجة مسقط رأس صدام بتاريخ 6/11 /2014 وعندما وصلوا الى الضحايا المغدورين قالوا لهم (إننا سنساعدكم بالوصول الى أهليكم ووعدوهم خيرا) فوثقوا بهم وذهبوا معهم وعند وصولهم تم نقلهم الى القصور الرئاسية فاجتمعت تلك العشائر على قرار قتلهم وكانت نص عباراتهم التي اتخذوا بها قرار الإبادة هي ( ان هؤلاء ثأر صدام واهلنا الذين أعدموهم الشيعة ولن نقبل الا بقتلهم جميعاً في قصور صدام) واستقر امرهم على مقترح عشيرة صدام البيجات وال خطاب وال مسلط وال غفور وبدأوا بتنفيذ الجريمة المرحلة الاولى في ليلة يوم 11 /6 / 2014 قبل وصول داعش وفي يوم 12 /6/ 2014 دخلت عناصر داعش الى تكريت وتم إصدار عفو خاص عن السنة الموجودين مع الضحايا وتم الاتفاق على عملية الإبادة على أساس طائفي وبهذا يتضح لنا ان دوافع الجريمة لم تكن بسبب الفكر المتطرف الذي يؤمن به داعش فحسب – والتي اغلب أفرادها من عناصر النظام الدموي الصدامي- بل كانت متعددة الأطراف ومتنوعة الدوافع والاسباب .
ومن هنا يجب على جميع الباحثين الذين يرومون البحث في هذه الجريمة ان يقرأوا الدوافع والاسباب قراءة موضوعية مجردة وبأسلوب محايد وعلمي وعدم الانجرار وراء الآراء والنظريات التي تنوي تبرئة ساحة هذا الطرف او ذاك لان الانحياز في البحث يخرجه من اطاره العلمي والاكاديمي.
شكرا جزيلا لكم