على ارض العراق التي بقيت شمس الحرية فيه مشرقة بعدما سخر الارهاب كل مايمتلك من اجل ان يحرم ابناؤه من التنعم بدفئها الذي يفيض أمنا واستقرار ، وفي العاصمة بغداد حيث الأمن والاستقرار بفضل تضحيات شهداءه وبطولات ابنائه الذين أربكوا كل الحسابات العسكرية الدولية التي ذهبت بعيدا في تقدير زمن اندحار عصابات داعش فهزموه بزمن قياسي ، كان لابد من دعم وتعزيز المواجهة العسكرية بمواجهة فكرية وثقافية للبحث في كيفية معالجة اصول الفكر المتطرف ، فأخذ (مركز بغداد الدولي للدراسات وبناء السلام) على عاتقه هذه المهمة وعقد ندوة حوارية بتأريخ 22 – 8 – 2017 في قاعة فندق الشيراتون تحت عنوان ( سبل المعالجات الدولية لأصول الفكر المتطرف الارهابي) بالتعاون مع مركز كاندد الالماني والجمعية الاوروبية لتعارف الاديان في برلين بحضور عدد من الشخصيات السياسية والباحثين والاكاديميين وسفراء بعض دول الاتحاد الاوروبي.
افتتحت اعمال الندوة بكلمة القاها رئيس مركز بغداد الدولي الشيخ عدنان الشحماني شكر في بدايتها الاستاذ دانيال كيرلاخ رئيس مركز كاندد والاستاذ علاء البهادلي رئيس الجمعية الاوربية لتعارف الاديان على الجهود التي بذلوها من أجل انجاح الندوة ، وتطرق الشحماني في كلمته الى ما لمسه خلال مشاركاته في المؤتمرات والنوات التي اقيمت في اوروبا من اهتمام كبير بالشأن العراقي و تفهم عال لأهمية العراق في المنطقة ، مشيرا الى انه لمس بالتوازي مع هذا الفهم عدم وضوح في الرؤية ومجريات الاحداث في العراق و تضليلا متعمدا للاحداث ، مؤكدا ان هنالك مراكز غير اوروبية تعمل على ذلك ، ونبه الشحماني الى ان الانجازات التي استطاع العراق تحقيقها في دحر المنظمات الارهابية والمعلومات الكبيرة والخبرات العالية التي اكتسبها جعلته محورا مهما جدا ورئيسيا في المواجهة. وختم الشحماني كلمته بالقول ان ما دعا المركز لاستضافة (منابع فكرية متعددة وتخصصات متنوعة) هو ان سبل المعالجات الدولية لاصول الفكر المتطرف الارهابي هو عنوان مساحته واسعة ليكون في مضمونه شاملا و موضوع البحث روافده متعددة .
بعدها القى المستشار دانيال كيرلاخ كلمة قدم في بدايتها الشكر للاستاذ عدنان الشحماني رئيس المركز مؤكدا على اهمية عقد هذه الندوات والدور المهم الذي تلعبه مراكز الدراسات في اوروبا والولايات المتحدة ، واضاف كيرلاخ ان مراكز الدراسات في اوروبا لديها الكثير من البحوث والمصادر عن الاحداث في العالم و العديد من الدراسات عن كيفية منع التطرف ومواجهته وان الجميع يتفق وبالخصوص الخبراء والمختصين في علم الاجتماع بان الإتجاه المبني على الامن ليس كافيا وحده بل يجب ان يكون هناك اصلاح اجتماعي وسلم مجتمعي وان يساهم المجتمع في محاربة التطرف ، وتابع ان هناك رؤية اوروبية بأن التطرف ليس مشكلة في الشرق الاوسط فقط بل انه موجود في اوروبا كذلك داعيا الى العمل سوية لمعالجة هذه الظاهرة بسبب التشابه في اسباب التطرف والعنف الطائفي ، وعبر كيرلاخ في ختام كلمته عن سعادته لوجوده في بغداد ومشاركته في الندوة الحوارية .
تلا ذلك كلمة الشيخ خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق التي أكد فيها على ضرورة تحري الدقة في تشخيص اسباب التطرف في العراق او في اي مكان آخر في العالم مضيفا ان الذي حدث في العراق او في العالم هو خطأ في التشخيص بسبب المجاملة (على حساب دماء الانسانية لان الذي يقتل في بريطانيا او امريكا او فرنسا او المانيا) هو انسان في النهاية ، وبين الشيخ الملا أن أسباب الارهاب والتطرف (تنبع من جذرين اثنين لا ثالث لهما) على حد قوله ، الاول هو الجذر الفقهي والثاني هو الجذر السياسي لأن كل الجرائم الني ترتكبها العصابات الارهابية موجودة في الأرث الفقهي وأن اي سبب او علة يضعها المتحدثون او الباحثون بعيدة عن الإرث الفقهي إنما تأخذنا لساحة بعيدة عن المعالجة ، وتابع الشيخ الملا أن الذي يعطي صلاحية للجذر الفقهي هو الجذر السياسي مبينا أن أي توتر سياسي يقع في بلد فأننا نجد التطرف الديني بارز فيه . مطالبا الدول الاوربية وكل دول العالم مساعدة البرلمان والحكومة العراقية لمعالجة جذور الارهاب والتطرف وختم كلمته بالدعوة الى بذل الجهود والمصارحة لمواجهة التطرف والارهاب.
بعدها إبتدات اعمال الجلسة الاولى و كانت برئاسة د. هاشم حسن عميد الاعلام في جامعة بغداد حيث قدم نخبة من الباحثين لأوراقهم البحثية وكان اول المتحدثين هو د. حامد الموسوي المستشار في رئاسة الوزراء الذي قدم ورقته عن (دور التعليم الاكاديمي في علاج مشكلة التطرف) حيث عرض في بدايتها نبذة مختصرة عن واقع التعليم في العراق منذ السبعينات والتدهور الذي اصابه بعد هذه الفترة والى اليوم ، لافتا الى أنه كان قد أعد بحثا في عام 2016 لمستشارية الامن الوطني بعنوان تطور ونمو داعش دعا فيه الى معالجة السبب في ظهور داعش وبخلافه فستخرج تنظيمات اخرى بمسميات مختلفة وتكون اكثر خطورة واكثر شدة ، وتابع الموسوي ان تنظيم داعش لازال يستخدم التعليم لنشر فكره بدليل عثور القوات الامنية بعد تحرير المناطق من داعش على مايسمى بالدواوين كديوان الحسبة وديوان للتعليم مستخدمين التعليم في الابتدائية فما فوق لنشر افكارها ، مضيفا أن القوات الامنية وجدت في جامعة الموصل كتابين يعتبران انجيل داعش الاول هو ادارة التوحش اما الكتاب الثاني فهو كتاب فقه الجهاد وهذان الكتابان يعطيان المبرر الشرعي والفقهي لكل مايقومون به من اعمال.
أما د.عصام السعدي المستشار في مستشارية الامن الوطني فقد ابتدأ ورقته البحثية الموسومة ( الفكر الارهابي .. قوانينه وأسسه) بالقول الى انه ( تنفيذا لتوصيات مؤتمر التربية والتعليم لمحاربة داعش فقد اعدت إستراتيجية وطنية كبرى لمعالجة التطرف المؤدي الى العنف كاساس لاقتلاع الفكر المتطرف في العراق) وتابع السعدي ان العامل الديني والايديولوجي هو المحرك الاساسي لظاهرة الارهاب (ويذهب بعض المفكرين الغربيين في تعريفهم للارهاب بانه عمل يراد به تدمير قوى البشر وعلى انقاضها يبنى مجتمع جديد ويشيرون الى الانتحار الارهابي هو التطور الاكثر حداثة في تاريخ الارهاب) ، مؤكدا ان عصابات داعش الارهابية تقدم انموذجا اكثر تعقيدا لانه يقوم على فكرة البيعة للخلافة التي تتضمن حتمية التوسع والسيطرة على الارض بخلاف تنظيم القاعدة فمشاهد الوحشية الظاهرة لقوة الممارسات شكلت عاملا اساسيا واستراتيجيا للحرب النفسية التي يتبعها هذا التنظيم.
و أوضح السعدي ان المقومات الاساسية لتنظيم داعش تقوم على مقومات ميدانية في نظرية التوحش التي هي من اهم النظريات الفكرية التي وظفتها داعش بغية تحديد اهدافها وهذه المقومات الفكرية ينقلها الى مقومات ميدانية من خلال العمل العسكري والسيطرة على الدول لاقامة مايسمى بالخلافة ويعتمد ايضا على سمات الفكر الذي لدى عناصره من خلال التقديس واستبعاد العقل.
لافتا الى ان المعالجات لابد ان تكن في جانبيين اولها معالجات وطنية باقرار التشريعات والمواجهة الفكرية والامنية وتعزيز مبدأ المواطنة والمعالجات السياسية والاقتصادية ومناهج التعليم والثاني هو المعالجة الدولية من خلال فهم عالمية الارهاب ومحاسبة الدول الداعمة للارهاب وتحميل الدول الراعية له مسؤولية الاعمال الارهابية التي يقوم بها رعاياها .
وأكد السعدي في ختام ورقته البحثية على ضرورة الاجابة عن سؤال مفاده من يقود الارهاب العالمي ومن ينشئه ومن يموله ؟ ومن ثم فلابد من دراسة هيكلية هذه التنظيمات مشيرا الى أنه من خلال تجربته في مستشارية الامن الوطني والعمل في مكافحة الارهاب فقد تبين أختلاف أساليب الارهاب وسماته مع بقاء وحدة الهيكلية ووحدة والفكر ووحد النموذج .
من جانبه قال الاستاذ وليد عيدي مستشار محافظ البنك المركزي العراقي في ورقته البحثية التي عنونها بـ ( فلسفة استيلاء داعش على فروع المصارف العراقية في المناطق التي خضعت لسيطرتهم) أن مئة وواحد وعشرون فرعا من فروع المصارف العاملة في مناطق النزاع مع داعش في ثلاثة محافظات تعرضت للنهب من ضمنها فرع البنك المركزي العراقي وقدرت المبالغ التي سرقت من المصارف المذكورة بمليار دولار ماشكل موردا ماليا ضخما للتنظيم الارهابي، مضيفا أن هذا الفكر يحاول تنمية موارده والاستيلاء على موارد الغير بالقوة وشريعة الغاب .
وقدم عيدي في نهاية كلمته جملة من التوصيات التي ستسهم في اجتثات اصول الفكر الارهابي منها تهذيب المناهج الدراسية في مختلف المراحل وتكثيف الرقابة على المصارف والشركات المالية غير المصرفية التي تقوم باجراء او استلام الحوالات وكذلك قيام الجهات الامنية في البلدان كافة بتبادل المعلومات عن اصحاب الفكر المتطرف وانشاء محاكم مختصة بمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب.
وعقب ذلك قدم الاستاذ د. عبد الجبار احمد عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد ورقته البحثية الموسومة (صفات السياسة الناجعة لمعالجة تراكمات داعش ) مشيرا في بدايتها الى انه مادام الإرهاب ظاهرة معقدة ومركبة وتحتمل الكثير من الاوجه فلا بد ان يكون الموازن والمكافئ هو سياسة شاملة كاملة ومركبة ولابد ان تكون السياسة مشفوعة برؤية واضحة لمحاربة ثلاثة مشجعات للارهاب الجهل والمرض والفقر. وتابع ان السياسة لابد ان تتصف ايضا بالعقلانية وتعتمد التخطيط والفعل وليس رد الفعل والمزاج ، معللا ذلك انه في إطار التجربة العربية والاسلامية فإن السياسات المعتمدة على رد الفعل والمزاجية تزيد من التطرف والارهاب ، واضاف إنه يجب اعتماد سياسة تعتمد المنهج الوظيفي لان أية سياسة تحاول ان تعالج الارهاب كفكر او وسيلة او منهج ان لم تعتمد المنهج الوظيفي ستكون سياسة فاشلة. داعيا الى اعتماد سمة اخرى وهي سياسة خلق الوعي في التعليم والذي يبدأ من رياض الاطفال وينتهي في الجامعات لأن خلق الوعي الذي هو المواطنة والمصلحة الوطنية والذي أسماه بالثابت الوطني ضروري في معالجة هذه الظاهرة.
وفي نهاية ورقته البحثية دعا الى أهمية أن يؤمن الجميع بمنطق احتكار القوة من قبل مركز اتحادي ديمقراطي وفق مبدأ سيادة القانون.
وفي ختام الجلسة أعلن مدير الجلسة د.هاشم حسن عن فتح باب النقاش حيث طرح بعض الحاضرين من سفراء ورؤساء مراكز بحثية اسئلتهم المتعلقة بمحور الاوراق المقدمة وتولى الباحثون في الجلسة الاولى الاجابة عليها .
وبعد إستراحة قصيرة ابتدأت أعمال الجلسة الثانية برئاسة د. عبد الجبار أحمد عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد وقدمت اولى الاوراق البحثية من قبل الدكتور د. هاشم محمد حسن عميد كلية الاعلام في جامعة بغداد في ورقته التي اسماها ( دور التربية الاتصالية في مكافحة الارهاب) والتي ابتدأها بالقول ان البحث العلمي لايستقيم ولاتستقيم المعالجات بلا شفافية وبلا قانون حقيقي يمنح الحق في الحصول على المعلومة كما ان هنالك جدل كبير في المعالجات والجميع بحاجة الى علم جديد لينظر في الاجرام والتطرف وهذا يستدعي مناهج جديدة ويستدعي صياغة مصطلحات جديدة ، مضيفا اننا لانحتاج الى تربية اعلامية بل نحتاج وفي ضوء التكنولوجيا الحديثة وثورة المعلومت الهائلة الى ان نفكر بالاتصال . وتابع حسن (اعتقد ان مشكلتنا منذ بدء الخليقة هي سوء الفهم الاتصالي ولذلك اقترح التالي ان تكون هناك دراسة للتربية الاتصالية وهذا يعني ان نعلم الاجيال بكاملها كيف يتعاملون مع الرسائل ليس فقط بالمعنى الاعلامي بل نفسيا وتعليميا وسايكولوجيا فالمطلوب وضع استراتيجيات كبرى من اجل ذلك).
مستخلصا في نهاية ورقته نتيجة مفادها ان الدراسات الميدانية اثبتت ان اكثر الناس الذين لديهم ميول عنفية وارهابية اما ان يكونوا كبار العائلة ويعانون من مشكلة اقتصادية او الصغير الذي لايراقب او يحاسب على افعاله وان اغلب الجرائم تتم في محيط المدن واكثر المجرمين الذين يقومون بهذه الافعال هم من الفاشلين دراسيا وبالنسبة للنساء الارهابيات فاكثرهن فشلن في تجربة الزواج .
تلاه الاستاذ محمد طاهر التميمي مديرة دائرة المنظمات غير الحكومية في مجلس الوزراء الذي عرض ورقته البحثية الموسومة (دور المنظمات غير الحكومية في اجتثاث الفكر المتطرف الارهابي) حيث ابتدأها بالقول أن هنالك مشكلة وهي اساس العلاقة مع اي منظمة مجتمع مدني والتي تخيف كثير من المؤسسات المتعاملة مع دائرة منظمات المجتمع المدني لانها تبدأ من فكرة ان المجتمع المدني لم يكن قد فحص بصورة علمية ولم تكن هنالك دراسة تحليلية تنتج من خلال المؤسسة الحكومية ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني بشكل يمثل نموذج حقيقي لممارسة وانتاج بناء المجتمع المدني في الدولة ، مضيفا اننا عندما نتحدث عن موضوع الارهاب فإن البداية يجب ان تكون من المجتمع المدني اذا ما حاولنا فهم اسباب التطرف والارهاب ولذلك فكل جهد ضائع اذا لم يعتمد المواطن او المجتمع المدني اساسا لمعلوماته ومعالجاته وهدفه الرئيس.
وأكد التميمي ان المجتمع المدني هو دائما عامل مؤثر واساسي في طرح اية مشكلة تواجهنا ، ولذلك فان فكرة الانتقال من واقع يشبه واقع داعش واحتلاله للعراق الى مرحلة تحرير العراق من داعش غالبا مايرتبط بفكرة واحدة ان كل المجتمعات في العالم كانت تعمد الى التحول في بنية المجتمع واساس الدولة ، متسائلا عن الفارق في السلوكيات والسياسات بين 2014 و 2017 في العراق ؟ وهل هناك فارق كبير بين هذين العامين في سياسات الدولة او المجتمع واستجاباته لتلك المتطلبات ام ان العراق لازل في دوامة الحرب .
وطرح التميمي في ورقته جملة من المعالجات التي يرى انها ستسهم في الحد من التطرف والقضاء على الارهاب منها ضرورة دعم الابحاث العلمية التي تبحث في الاصول الفكرية للتطرف والياته ووسائله وتحليل بيئته ، وتعزيز المهارات السلوكية التي تواجه الغلو والتطرف من خلال التدريب المنظم والمدروس وكذلك تمكين الشباب بإعتبارهم العماد الرئيسي لأية تحولات تحصل في المجتمع ، و المعالجة الاخرى هي دعم التنمية الاقتصادية التي تساهم في تحصين المجتمعات من خلال مواجهة المشكلات الاقتصادية مثل السكن والبطالة والهجرة والنزوح .
وانهى التميمي ورقته البحثية بالتأكيد على ضرورة النظر الى التحولات التي تشهدها بعض المناطق المحررة من خلال مختصين وخبراء وبمساعدة منظمات المجتمع المدني .
بعدها عرض الاستاذ جمعة عبد الله مطلك ورقته البحثية التي اسماها (الهروب الى الانثروبولوجيا) مبتدئا عرضه بالإشارة الى ان ورقته تعمد الى تقديم محاولة اولية للفهم ولاتطمح ان تقدم برنامجا للخلاص لان سقف الورقة عال جدا وهو جهد دولي لمحاربة الارهاب والتطرف وليس بمقدور ورقة بحثية ان تقدم حلا لازمة الانسانية المعاصرة لافتا الى ان المقترب الذي يعتقده قانونيا واخلاقيا لموضوعة الارهاب والتطرف لايتعلق فقط بالنظرة الاخلاقية للموضوع بل بالنظرة العقدية التي تخص الدولة الحديثة وعطف بالقول (ان الدولة العربية الاسلامية المشرقية عموما هي ناتج عرضي لعلاقات القوى الاستعمارية لذلك فهذه الدولة لم تنتج عقدها الاجتماعي الخاص ودولة مفرغة من المحتوى الاخلاقي ودولة مهتمها الرئيسية افتراس المجتمع وفي مجتمع منغلق مثل المجتمعات الاسلامية حيث الثقافة المنغلقة فهذا المجتمع يكون عالة ومتسول على ابواب الدولة حتى لو كانت ضعيفة وبالتالي فان النظر للارهاب من زاوية ثقافية محضة ليس صحيحا بل من زاوية تاريخية مقارنة حيث ان هذه الزاوية تقول ان هذه الدولة العراقية او المصرية او الليبية وغيرها لاتقف على ارضية اخلاقية ولاتتنفس هواءا اخلاقيا حقيقيا لانها دولة تابعة للغرب عموما) مؤكدا الى اننا اذا اردنا ان نصل الى مفهوم حقيقي وواقعي لظاهرة التطرف علينا ان نتخلص من الاوهام كحوار الاديان والحضارات والمذاهب لاننا نعيش في عالم صراعي لان الصراع هو لب الوجود .
واستنكر مطلك ما أسماه بالتعويل الرومانسي على حوار الحضارات والاديان ووصفه بالتعويل الكاذب والواهم مبررا ذلك بان الاديان عندما يتوفى النبي يتحول الله من محبة الى ايديولوجيا عقائدية قاتلة وهذه حصلت في كل الاديان لان الدين هو ان الله محبة اما الايديولوجيا فهي على العكس من ذلك .
بعد ذلك قدم النائب السيد علي العلاق ورقته البحثية وكانت بعنوان (البعد القانوني في مكافحة التطرف والترويج للكراهية والتعصب) حيث لفت العلاق في بداية حديثه الى انه آثر اختيار البعد القانوني والتشريعي في مكافحة التطرف لأهميته لاسيما في مجلس النواب العراقي الذي عقد جلسات عديدة افرزت توجه لتشريع قانون لمكافحة التطرف ، مشيرا الى ضرورة وضع تعريف دقيق للتطرف قبل وضع القانون له ، وتابع ان التطرف بحسب فهمه هو ( التشدد والافراط في فكرة او رؤية معينة سواء كانت دينية ايديولوجية عرقية او قومية والاعتقاد بصحتها المطلقة مع مصادرة حق الاخر في الرؤية والحكم على الاخر بالعدم والبطلان المطلق ).
وقال العلاق انه (للحد من التطرف من الناحية التشريعية لابد ان نلحظ الاليات التي يستخدمها المتطرف لردعها .. ويجب ان توضع في دائرة المحاسبة وثانيا متابعة المراكز الفكرية والبحثية المروجة للتطرف وثالثا المنابر الخطابية ودور العبادة ورجال الدين والمدارس الدينية المروجة للتطرف والتكفير والكراهية ورابعا المدارس والجامعات الاهلية المروجة للتطرف وخامسا الكيانات السياسية التي تتبنى التطرف في فكرها وثقافتها وسياستها وسادسا وسائل التواصل الاجتماعي المروجة للتطرف والكراهية) ، مشددا في الوقت ذاته على أهمية ان يشمل القانون السماح بالنقد والبحث العلميين للرأي او الديانة لأنه لايمكن ان وقف العقل البشري على ان ينتج اراء ومقولات .
وأختتم العلاق ورقته البحثية بالدعوة الى ان مشاركة القانونيين في صياغة قانون متين يتابع التطرف ويمنعه بمساهمة المفكرين والمؤسسات الفكرية.
اعقبه النائب د. هيثم الجبوري الذي قدم ورقة بحثية بعنوان ( علاقة غسيل الاموال بمكافحة الارهاب) أشار فيها الى ان علاقة غسيل الاموال بموضوع الارهاب تاتي من خلال استخدام الاموال المتاتية من جريمة كالخطف والابتزاز او اي عمل غير قانوني لتدخل في معاملة نظيفة ليتم تصفير التهمة المتعلقة بها مضيفا ان البنك المركزي العراقي كان يعمل سابقا على قانون مكافحة غسيل الاموال الذي صدر من سلطة الائتلاف ولكن في عام 2015 صدر قانون جديد في مجلس النواب العراقي وكانت يتضمن عقوبات صارمة بحق المصارف والاشخاص الذين يقومون بعمليات غسيل الاموال وتأسس وفق هذا القانون مجلس غسيل الاموال الذي يرأسه محافظ البنك المركزي العراقي وايضا كان هنالك تمثيل لاهم الوزرات كالخارجية والمالية والعدل وجهاز المخابرات العراقي وجهاز مكافحة الارهاب والامانه العامة لمجلس الوزراء وتابع ان هذا المجلس منح حق تشريع القوانين التي تخص حركة الاموال وتجميد الاموال وغيرها وكذلك شكل مكتب غسيل الاموال وتم منحه استقلال مالي واداري .
وأوضح الجبوري ان هناك علاقة عضوية بين الجنبة الاقتصادية والارهاب لان البطالة وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية وعدم توزيع الثروة بشكل صحيح هي احد اسباب الارهاب وهذا مانعاني منه في العراق وفي الدول الاخرى التي فيها نشاط للارهابيين فهنالك طبقة غنية جدا وطبقات فقيرة جدا ما يولد كراهية وحقد تؤدي الى حصول عمليات خطف وابتزاز وعنف مؤكدا ان القوانين المتعلقة بغسيل الاموال ومكافحته تحظى باهتمام كبير في مجلس النواب ولدينا لقاءات شهرية او نصف شهرية مع البنك المركزي مخصصة لبحث النتائج التي توصل اليها البنك المركزي في موضوع غسيل الاموال والعقوبات التي فرضت ومدى امتثال المصارف الاهلية وشركات التحويل المالي لهذه القوانين.
وانتهت الجلسة الثانية بدعوة رئيس الجلسة الاستاذ د.عبد الجبار أحمد الحضور الى طرح ما لديهم من مداخلات او أسئلة على الباحثين الذين قدموا ارواقهم في الجلسة الثانية حيث طرح الحاضرين مداخلاتهم واسألتهم واعلن بعدها نهاية الجلسة الثانية والاخيرة.
وفي ختام الندوة دعا الحاضرون من باحثين واكاديميين وسفراء الى الاخذ بالتوصيات التي طرحت فيها مشيدين بحسن تنظيمها وادارتها ، كما أكدوا على ضرورة تكرار عقد مثل هذه الندوات والحوارات لما لها من أهمية في تبادل وجهات النظر وتقديم الحلول المفضية الى مواجهة الازمات والعوائق السياسية والامنية التي تكتنف المنطقة والعالم .