الملف الشخصي:

البروفيسور عبده مختار موسى باحث وأكاديمي سوداني

– أستاذ في العلوم السياسية في “جامعة أمدرمان الإسلامية” في السودان، وخبير محكِم في “مركز دراسات الوحدة العربية” في بيروت منذ 2009.

• شغل منصب رئيس قسم العلوم السياسية في “جامعة أمدرمان الإسلامية” بين 2005 و2008،

• عمل باحثاً في “مركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية” بين 2006 و2008

• صحفياً ورئيس تحرير “مجلة سوداناو” بين 1998 و1999، ومراسلا لـ”وكالة إنتر برس سيرفيس”.

• شغل منصب أمين العلاقات الدولية والإعلام الاستراتيجي في “المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي” في الخرطوم بين 2011 و2012،

• نائب مدير الإدارة السياسية في القصر الجمهوري بين 2000 و2001.

• قدم 50 ورقة بحثية وكتب عدة مقالات نُشرت في دوريات علمية عالمية باللغتين العربية والإنجليزية، وشارك في أكثر من 20 مؤتمر علمي دولي، وله 10 كتب منشورة منها “مسألة الجنوب ومهددات الوحدة في السودان” و”دارفور؛ من أزمة دولة إلى صراع القوى العظمى”.

• إختياره من قبل المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط “IEMed” ضمن أفضل الباحثين في منطقة الشرق الأوسط عام 2015.

• حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية عام 2005 من “جامعة الخرطوم” فس السودان،

• بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1982 من الجامعة ذاتها.

 

نص كلمة البروفيسور عبده مختار موسى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحضور الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشكر بعد الله لمركز بغداد الدولي للدراسات وبناء السلام على دعوته الكريمة وعلى تشريفه لشخصي بتقديم احدى كلمات الافتتاح في هذا المؤتمر المهم، وأحسب أن القائمين على أمر المركز قد أحسنوا اختيار الموضوع وتوفقوا في اختيار العنوان لأحد موضوعات الساعة المهمة الذي يؤرقنا في مجتمعاتنا النامية التي أصبحت تتعرض باستمرار للمؤامرات والاختراق ومحاولات التأثير والسيطرة بشتى الوسائل على ثرواتنا ومواردنا وعقولنا.

مما يثيـر الدهشة والتساؤل: لماذا – على الرغم من التطورات الكبيرة التي حققتها البشرية في شتى المجالات وتقدم العالم في علمه ووعيه وحضارته، يزداد العنف وتتنوع أشكال الحروب وتصبح أكثر فتكاً بالبشر وأكثر تدميرا للحضارة المادية وغير المادية؟

لماذا تتراجع القيم الإنسانية وتزداد الوحشية والفظائع رغم التطور في الدساتير ومواثيق حقوق الإنسان؟

واضح أن العالم اليوم يعيش في أكبر تناقض وفق معطيات الواقع المتمثلة في هذه المعادلة المعكوسة: يرتقي العقل العلمي متجليا في منجزات رائعة ومدهشة، بينما تتراجع الأخلاق وكرامة الإنسان والقيم الإنسانية بصورة عامة.

الحضور الكريم من العلماء الأجلاء:

كما تعلمون أن مؤتمر ويستفاليا في عام 1648 قد شكل نقطة تحول تاريخي في العلاقات الدولية وفي مفاهيم السياسة الدولية، وقد تطورت الحروب منذ ذلك التاريخ كعلاقات  دولية عنيفة من حروب تقليدية إلى حروب غير مباشرة أو حروب بالوكالة وحروب استنزاف والحروب الوقائية والاستباقية وحروب بيولوجية وكيماوية وحرب نفسية وحرب باردة وحرب إعلام وغيرها..

كما تطورت من حروب تقليدية إلى حروب العصر الحديث بكل تقنياتها – حتى شمل ذلك استخدام الليزر Laser-guided missiles حيث الدقة المتناهية والعمليات العسكرية المحوسبة computerized والطيارات المسيرة والإرهاب الالكتروني والحرب السيبرانية وحتى حروب المخدرات وحروب البيئة.

لا أود الخوض في تفاصيل حروب الأجيال الخمسة السابقة حتى وصولنا لحروب الجيل السادس فتلك تفاصيل سوف تتناولها أوراقكم الرصينة إن شاء الله.

لكن أود الإشارة هنا إلى بعض النقاط العامة ومنها أن الخطورة الكبيرة في كل هذه الأنواع من الحروب السابقة قد بدأت بحروب الجيل الخامس التي بدأت تركز في خلق تناقضات بين السلطة والمجتمع في دولة ما – أي تركز على احتلال العقول لا الأرض وذلك باستخدام التقنية الحديثة. فهي حرب بالإكراه تسعى لإفشال الدولة وزعزعة استقرارها وفرض واقع جديد يهيء لعمليات الاختراق والسيطرة.

إذا كانت هذه هي المخاطر ونقاط الضعف والتحديات فما هي الفرص وآليات المواجهة؟ دائما يبحث الأعداء والمتآمرون عن نقاط الضعف وثغرات الاختراق.,

هذا يستدعي بناء الدولة المستقرة والمجتمع المتماسك والإرادة السياسية القوية والقيادة الرشيدة والحكيمة صاحبة الرؤية الاستراتيجية الثاقبة؛ ثم الانتباه لمداخل هذه الحروب لسـد الثغرات، ويشمل ذلك الاهتمام بالإعلام والتربية والتعليم والثقافة والشباب والمرأة. أي بمعنى استخدام القوة الناعمة لتحصين الفرد والأسرة والمجتمع ولصد هذه الحروب الجديدة الذكية والماكرة والمدمرة.

من أدوات المواجهة الإعلام الذي يشكل البنية التحتية لمشروعنا في المواجهة والتصدي لمثل هذا النوع الجديد من الحروب. فالإعلام يؤثر في جهاز الإدراك وبالتالي يشكل الصورة الذهنية image ومن ثم التصورات والمواقف وبالتالي السلوك والأفعال.

فقد أشار وزير الدفاع الأمريكي الأسبق (ماكنمارا) في كتابه “جوهر الأمن” إلى أن الأمن ليس المعدات العسكرية وإن كان يتضمنها، وليس القوة العسكرية وإن كان يتضمنها، وليس النشاط العسكري وإن كان يتضمنه، إنما هو التنمية.

إذن في إطار التصدي لمثل هذه الحروب المعاصرة والذكية والماكرة ينبغي أن تشمل رؤيتنا الاستراتيجية التعامل مع مهددات الأمن المختلفة: فالمخدرات سلاح، والإعلام  والإعلان سلاح، وصناعة الشائعات سلاح، وزرع الفتن وإثارة خطاب الكراهية وغيرها كلها أسلحة موجهة لهدم المجتمعات وتفتيت الدول.

كذلك تستلزم أدوات المواجهة الاهتمام بالعلم والذكاء الاصطناعي والذكاء الاستراتيجي، والتوسع في مفاهيم الأمن بمعناه الواسع والشامل. فالأمن أصبح يشمل عدة أنواع وأبعاد: فهنالك الأمن الاجتماعي وأمن الدولة والأمن القومي والأمن الإنساني الذي يشمل الأمن السياسي والأمن الاقتصادي والأمن الصحي والأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الفردي والأمن البيئي. وفي إطار الأمن السياسي يجب مراعاة حقوق الإنسان لأن الكبت ومصادرة الحريات والحرمان من الحقوق يؤدي إلى سخط وتوتر وإلى العنف والجريمة والتمرد والاضطرابات وصناعة الدولة الفاشلة. فالدولة الهشة والمجتمع المنقسم والوضع السياسي المضطرب م كلها عوامل وأوضاع توفر المناخ المواتي والبيئة الصالحة لنجاح الاختراقات بالقوة الناعمة لضرب المجتمع في ثقافته وقيمه واستقراره وهويته.

إن أساليب الاختراقات الحديثة الذكية مع المطامع والمؤامرات الدولية على أمتنا تلقي بمسؤولية كبيرة على عاتق كل من النخب المستنيرة والطبقة السياسية الحاكمة على حـد سواء.

إن الجهود العلمية المنظمة والمؤتمرات – مثل مؤتمركم هذا – تشكل أحد أهم المدخلات والمعينات على المواجهة والتصدي.

يجب أن تشمل جهودنا محاربة خطاب الكراهية والتوظيف الإيجابي للأديان لما فيها من قيم الإنسانية وقيم التسامح والتعايش السلمي.

وفقنا الله في خدمة العلم والعالم العربي والإسلامي

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التسجيل الكامل للكلمة على صفحة الفيديو في موقعنا

أو على رابط اليوتيوب : https://www.youtube.com/watch?v=iCF1hNpTS2E